Skip Navigation Links

واعلموا أنكم غير معجزى الله

1-يسير الكون من حولنا وفق إرادة عليا ،ومشيئة إلهية ،تنتظم كافة نواحيه ،من عرشه إلى فرشه ،ومن الذرة الى المجرة . يقول رب العزة تبارك وتعالى :-"ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ". ويقول سبحانه :-"الله الذى رفع السماوات بغير عمد ترونها ،ثم استوى على العرش ،وسخر الشمس والقمر، كل يجرى لأجل مسمى ،يدبر الأمر ،يفصل الآيات ، لعلكم بلقاء ربكم توقنون ". 2- ويؤكد القرآن الكريم على أن هذه الإرادة الإلهية لاينازع الله فيها أحد من خلقه ، فالأمر كله لله ،والتصريف والتدبير مرده إليه وحده سبحانه . يقول رب العزة لنبيه ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم :-"ليس لك من الأمر شئ " .وحين قال البعض :-"هل لنا من الأمر من شئ ". أمر الله رسوله أن يقول لهم :-" إن الأمر كله لله ". وفى القرآن أيضآ :-"لله الأمر من قبل ومن بعد ". وفيه كذلك :-" بل لله الأمر جميعا ". وفى نفس السياق يؤكد القرآن الكريم على أن إرادة الله تعالى مطلقة ،لايحول دون تنفيذها شئ ،ولا يعجزه عن امضائها أحد كائناً من كان يقول رب العزة :-" إنما أمره اذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون ". ويقول سبحانه :-"والله غالب على أمره ،ولكن اكثرالناس لايعلمون ". 3 - وقد تكفل الله تعالى الخالق لهذا الكون بما فيه صلاحه وصلاح المخلوقات الكائنة فيه -وعلى رأسها الإنسان، أكرم هذه المخلوقات - فارسل الرسل ،وأنزل الكتب وبين الحق من الباطل ،والهدى من الضلال، ووعد من سلك سبيله بالخير العاجل فى الدنيا والآجل في الآخرة ،فقال سبحانه :-"من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ،ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون ". 4 - فإذا حدث واغتر شخص اوجماعة بقوة ابدان ،أو وفرة أموال ، أو حيازة سلطان ، ودفعهم ذلك إلى التكبر والطغيان ،فإن ذلك لايعني غفلة الله عنهم ،أو عجز الله عن عقوبتهم . يقول رب العزة :-" ولاتحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ". ويقول سبحانه :-"واعلموا أنكم غير معجزى الله ". ويقول أيضاً :-" إنما توعدون لآت ، وما انتم بمعجزين ". وفى التاريخ عبرة لمن يعتبر ،وفى هذا يقول ربنا :-"افلم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم، وكانوا أشد منهم قوة ،وماكان الله ليعجزه من شئ فى السماوات ولافى الأرض ،إنه كان عليما قديرا". لقد اغتر قوم عاد بقوتهم ، وحكى القرآن عاقبتهم، فقال :-" فأما عاد فاستكبروا في الارض بغير الحق ، وقالوا من أشد منا قوة ، أولم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون . فارسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات ،لنذيقهم عذاب الخزى في الحياة الدنيا، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لاينصرون ". وحين اغتر فرعون وجنوده بسلطانهم كانت العاقبة كما حكى القرآن :-" واستكبر هو وجنوده فى الأرض بغير الحق وظنوا انهم إلينا لايرجعون. فاخذناه وجنوده فنبذناهم فى اليم، فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ". وحين اغتر قارون بماله ،ورفض نصح الناصحين، وقال :-"إنما أوتيته على علم عندى ". كانت العقوبة العاجلة من الله تعالى :-"فخسفنا به وبداره الارض ". وحين قيل لا برهة :ان البيت له رب يحميه .قال فى غطرسة وتيه : ماكان ليمتنع منى . فارسل الله عليه وعلى جنده طيرا ابابيل .ترميهم بحجارة من سجيل .فجعلهم كعصف مأكول. ٤-إن الله تبارك وتعالى قد يطول حلمه على المستكبرين، فيغريهم ذلك بمزيد الاستكبار، ولايعنى ذلك غفلة الله عنهم، كما قد يزيد البلاء بالمؤمنين، ولا يعنى ذلك تخلى الله عنهم ،وإنما هى سنن أودعها الله فى كونه ،وسوف تظهر نتائجها ،طال العمر أم قصر ،وصدق الله القائل :-" ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ماكذبوا ،واوذوا حتى اتاهم نصرنا ، ولا مبدل لكلمات الله ". فاللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، وافتح بيننا وبين قومنا بالحق، وانت خير الفاتحين.

د/ طلعت عفيفي